
هؤلاء المكبوتون موجودون في كل مكان: في البيت, في الشوارع , في محلات البقالة , في سوق الخضار و حتى في الحافلات. يستغلون الزحام و الغفلة ليفرغوا مكبوتاتهم الحيوانية في ضحاياهم من النساء الغافلات الشابا ت أو العجائز. بعض العجائز تعجبهن اللعبة و يتظاهرن بالغفلة و عندما تنتهي اللعبة يصرخن في احتجاج . رأيتهن كثيرا في الحافلات…)تقول الهام و هي ما زالت عارية :-أعرف لن تنام حتى تنشر الخبر في كل المدينة القديمة وتزيد وتنقص حسب هواها و تضخمها حتى تصبح بالحجم الذي يرضيها.كنت أنظر الى جسم الهام الشائه , واخيرا نجحت في الكلام قلت لها:-سأذهب للصيدلية و أشتري بعض الأدوية لعلاج جراحك.أوقفتني باشارة من يدها:-لا تفعلي. جراحنا تشفى وحدها لسنا في حاجة لدواء الصيادلة.ثم نظرت لحقيبتي وقالت:-ما الأمر؟ خصومة مع زوجة أبيك؟-بل مع أبي.-ماذا حدث؟صمتت لحظة و قلت لها:-سأسافر الى فرنسا.بدت للحظة كتمثال شمع:-كيف؟متى؟ لم تخبريني بشيء.-لم أخبر أحدا بالأمر.صرخت في وجهي و الدموع تملأ وجهها:-أنا لست أي أحد. أنا أختك , صديقتك.أحكي لك كل شيء. تعرفين حتى ما بداخل مصاريني, تجلسين معي , تأكلين و تخفين عني أمرا كهذا, بل ربما كنت تنوين السفر بدون وداع , انك مثلهم غدارة و خائنة للعشرة.لم أرها بهذا الشكل أبدا. ضممتها الي وقلت:-ليست قسوة بل حب. خفت فراقك, خفت لحظة الوداع. انك لا تفهيمين ما أحس به نحوك. لا تعاتبيني أرجوك, يكفي ما سمعته من أبي.مسحت دموعها و قالت:-متى قررت السفر؟-اقترحت علي جوزيان السفر لانشاء جمعية تعنى بضحايا التحرش الجنسي من الأطفال.-هراء! هل تظنين نفسك ستصلحين الكون أنت وجوزيان؟-أنا و جوزيان و الآخرون . لا بأس من المحاولة-لست مقتنعة بالفكرة, لكن فرنسا جميلة. اذهبي هناك و اعملي في أي شيء: نادلة في مطعم..أي شيء.. ما دمت بعيدة عن هنا. و عندما تجمعين مالا كثيرا عودي و افتحي حانة. ستصبحين ثرية.-هذه أحلامك انت الهام. أنا سأنشئ جمعية و أدرس ألا تفهمين؟-فعلا يبدو أننا أصبحنا نتكلم لغة مختلفة.-الهام. لماذا لا تتركي هذا العمل؟ لأجل دعاء. فكري بها عندما تكبر.أشعلت سيجارة . كانت يداها ترتعشان و تتحسان من حين لآخر أماكن الأسنان المكسورة.حاولت أن تتكلم بهدوء:-سأترك العمل حاضر. لكن قولي لي أين سأعمل؟ في الشركة التي تركها أبي ؟ أم في المصنع الذي تركته أمي؟ قبل أن تقولي أنت و غيرك اتركي هذا العمل أعطوني البديل, أم تحسنون الكلام فقط؟ هل تنوين حل مشاكل الناس الذين يأتون جمعية المستقبل بالكلام؟ الهضرة ما تعمر خضرة.-أقصد…أسكتتني باشارة من يدها و قالت:-خذي دعاء لتنام بجانبك هذه الليلة. لا أستطيع ضمها الي. جسمي متألم و اطفئي الضوء.أطفأت الضوء . ضممت دعاء , قلت لالهام:-سأكتب لك كثيرا و من يدري؟ قد أجد حلا و أرسل اليك لكي تلحقي بي.صمت ثقيل يلف المكان و بعدها قالت :-ستكتبين مرة و اثنتين و بعدها ستأخذك الحياة. ستنسين الهام و دعاء و و كل الأيام الجميلة.-سترين أنني لن أنساك..لن أنسى دعاء.. لو كانت ابنتي…دفنت رأسي تحت الوسادة وبكيت.صباحا حملت حقيبتي , عانقتها , ضممت دعاء الي, أعطيتها بعض النقود كانت تفيض عن حاجتي. نجحت في حبس دموعي و انصرفت.في المطار , جلست أنتظر الطائة. كنت أشعر بشعور غريب : الخوف من المستقبل , المجهول ربما. احساس بالمرارة في حلقي . أنظر في كل الوجوه عساني أرى وجه أبي. لو يأتي ؟ لو يرضى عني ؟ دخلت المرحاض, غسلت وجهي من آثار الدموع ..خرجت و….رأيته, انه هو أبي.! عانقته . لأول مرة أحس بدفء ذراعيه. احساس رائع ..رائع. انتبهت لنفسي كنت أبكي بصوت مسموع. لم أكن وحدي , حتى أبكي كان يبكي. يا الهي! هل هو يبكي مثلنا؟ عانقته ثانية لأشبع من حضنه. لم يعانقني أبدا قبل الآن. قال لي بعد أن مسح دموعه:-سافري يا ابنتي و قلبي راض عنك.-كيف اقتنعت بفكرة سفري؟-أنا لم أقتنع بشيء. أخاف عليك أولاد الحرام. الدنيا خايبة آبنتي. كنت أريدك أن تتزوجي و تنجبي و تتركي الدراسة ووجع الدماغ. المرأة مكانها في البيت و الأولاد….لكن رأسك صلبة. افعلي ما بدا لك ..سافري .عانقته بقوة , بقوة. كم أنت رائع يا أبي! لو أشعرتني بالحب قبل الآن كانت تغيرت أشياء كثيرة في حياتي.نظر الي ثانية وقال:-سأطلق سراح زوجتي. قررت هذا منذ مدة لكن بالأمس عندما غادرت البيت تكلمنا كثيرا, و اتفقنا على كل شيء. سأطلقها و أعطيها مبغا من المال و تعود الى قريتها.-ربما هذا أفضل لك و لها.-سترسلين لي رسائل كثيرة؟-أجل و سأحكي لك أشياء كثيرة.أدخل يده في جيب سرواله و أخرج سلسلة ذهبية:-هذه آية الكرسي, ضعيها حول عنقك حتى تحفظك.قبلت يده و جبهته. ضمني اليه ثانية و ذهب
***************************************************
حق الصورة محفوظ للكناوي
أخذتها حين زيارتي لقبري المرحومتين زوجة أخي ومليكة مستظرف بمقبرة الرحمة بالبيضاء
هناك تعليق واحد:
j'ai lu toutes les partis de cette histoire passionnante et trés forte, j'ai beaucoup adoré. mais votre image m'a interpellé, s'agit il d'une histoire vraie ou c'est de la pure fiction ?
dans les deux cas le texte est d'une beauté déconcertante.
merci pour le partage
إرسال تعليق