24 نونبر 2007

موت


أضغط على الريموت كنترول…المذيعة تبتسم تظهر اسنانها البيضاء اللامعة ..كيف تستطيع الحفاظ على أسنانها بيضاء ؟

…وقد هاجمت اسرائيل مدينة غزة انتقاما لمقتل جنديين اسرائيليين

تزداد ابتسامتها اتساعا…تضع عدسات لاصقة خضرا ء اليوم بنفس لون الفستان الضيق. اللون الاخضر لا يناسبها ..يكشف استدارة نهديها

وجد معايا الطبلة- لحم الغنمي يكفي علاش حمرتي حتى الدجاج ؟

جثت متعفنة ..رؤوس مفصولة عن اجسادها

أغرز الشوكة والسكين في قطعة اللحم ، ألتهمها بتلذذ

الله يعطيك الصحة اللحم بنين: يقول زوجي

المذيعة تحاول ان تبدو حزينة…الغوباشة لا تناسبها

regarde sa robe est très belle

امهات يبكين…بؤس ..فقر…صراخ..دماء يمتصها الاسفلت

بغيت عصير طانك-اسكب العصير لابنتي

الكوكاكولا احسن كتساعد على

الهضم ولكن كتدير الغازات

-وتستعمل اسرائيل اسلحة وقنابل ممنوعة دوليا

ماما شوفي كنشطح بحال نانسي عجرم

-تتلوى الصغيرةتغني:آه ونص بص بص بص

اصفق لها …تشبهني كثيرا حين كنت طفلة

الله يحفظك ليا آزينة البنات

:يقول زوجي-طفلي الصغير يشعر بالغيرة،يقفز من الكرسي

:انا كنغني احسن منها، يكور قبضته على شكل مايكروفون

علاش مابغيتيش تجي يالمشيشة

شريت ليك الشكلاط والشيشة

وانت بغيتي الكوستيم والطريبيشة

تدمع عينايا من الضحك

on ne parle pas quand on mange

mais vous parlez toi et maman

انا وماماك كنتكلمو في اشياء مهمة

يصمت طفلي..تصمت طفلتي

“وفي العراق قتل 42 مدنيا بينهم ثلاتة اطفال وجرح 15 اخرين سبعة

منهم في حالةخطيرة اثر سقوط قنبلة …و

- نهارالسبت بالليل غادي نمشيو “البالكون33″كاينة واحد الراقصة أمريكية كترقص الرقص الشرقي.

- لا ..السبت كاين ماتش سخون بين الرجا والوداد وغادي نرجع مهلوك من التيران ، ولكن الى ربحت الوداد نمشيو فين ما بغيتي

انت شي نهار تقتلك الكرة

-معلوم الراجل هواللي يموت على بلاده ولا اولاده ولا الوداد–ديماحمرا

نمشي معاك لتيران ؟ :يقول طفلي بفرح- احفظ دروسك ويالله معايا

-عملت التمارين كلهم ..بقا لي درس التاريخ ماقدرتش نحفظو صعيب بزاف

ركز مزيان ..التاريخ ساهل..هي نفس الدروس كتكرر دائما

-المذيعة لا زالت تتكلم أحمر الشفاه الوردي لا يناسبها يجعل فمها يبدو كبيرا

وستغادراليوم باخرتين محملتين بالسياح باتجاه اسبانيا …الحرب المفاجئةعلى لبنان..وقد رفضت اسرائيل….الى…حين …مغادرة السياح

فيقيني بعد ساعة.. نعاسي ثقيل بحال الميت : يقول زوجي ثم يتمدد على الكنبةالمواجهة لجهاز التلفزيون

20 نونبر 2007

جراح الروح والجسد (الأخيرة)


هؤلاء المكبوتون موجودون في كل مكان: في البيت, في الشوارع , في محلات البقالة , في سوق الخضار و حتى في الحافلات. يستغلون الزحام و الغفلة ليفرغوا مكبوتاتهم الحيوانية في ضحاياهم من النساء الغافلات الشابا ت أو العجائز. بعض العجائز تعجبهن اللعبة و يتظاهرن بالغفلة و عندما تنتهي اللعبة يصرخن في احتجاج . رأيتهن كثيرا في الحافلات…)تقول الهام و هي ما زالت عارية :-أعرف لن تنام حتى تنشر الخبر في كل المدينة القديمة وتزيد وتنقص حسب هواها و تضخمها حتى تصبح بالحجم الذي يرضيها.كنت أنظر الى جسم الهام الشائه , واخيرا نجحت في الكلام قلت لها:-سأذهب للصيدلية و أشتري بعض الأدوية لعلاج جراحك.أوقفتني باشارة من يدها:-لا تفعلي. جراحنا تشفى وحدها لسنا في حاجة لدواء الصيادلة.ثم نظرت لحقيبتي وقالت:-ما الأمر؟ خصومة مع زوجة أبيك؟-بل مع أبي.-ماذا حدث؟صمتت لحظة و قلت لها:-سأسافر الى فرنسا.بدت للحظة كتمثال شمع:-كيف؟متى؟ لم تخبريني بشيء.-لم أخبر أحدا بالأمر.صرخت في وجهي و الدموع تملأ وجهها:-أنا لست أي أحد. أنا أختك , صديقتك.أحكي لك كل شيء. تعرفين حتى ما بداخل مصاريني, تجلسين معي , تأكلين و تخفين عني أمرا كهذا, بل ربما كنت تنوين السفر بدون وداع , انك مثلهم غدارة و خائنة للعشرة.لم أرها بهذا الشكل أبدا. ضممتها الي وقلت:-ليست قسوة بل حب. خفت فراقك, خفت لحظة الوداع. انك لا تفهيمين ما أحس به نحوك. لا تعاتبيني أرجوك, يكفي ما سمعته من أبي.مسحت دموعها و قالت:-متى قررت السفر؟-اقترحت علي جوزيان السفر لانشاء جمعية تعنى بضحايا التحرش الجنسي من الأطفال.-هراء! هل تظنين نفسك ستصلحين الكون أنت وجوزيان؟-أنا و جوزيان و الآخرون . لا بأس من المحاولة-لست مقتنعة بالفكرة, لكن فرنسا جميلة. اذهبي هناك و اعملي في أي شيء: نادلة في مطعم..أي شيء.. ما دمت بعيدة عن هنا. و عندما تجمعين مالا كثيرا عودي و افتحي حانة. ستصبحين ثرية.-هذه أحلامك انت الهام. أنا سأنشئ جمعية و أدرس ألا تفهمين؟-فعلا يبدو أننا أصبحنا نتكلم لغة مختلفة.-الهام. لماذا لا تتركي هذا العمل؟ لأجل دعاء. فكري بها عندما تكبر.أشعلت سيجارة . كانت يداها ترتعشان و تتحسان من حين لآخر أماكن الأسنان المكسورة.حاولت أن تتكلم بهدوء:-سأترك العمل حاضر. لكن قولي لي أين سأعمل؟ في الشركة التي تركها أبي ؟ أم في المصنع الذي تركته أمي؟ قبل أن تقولي أنت و غيرك اتركي هذا العمل أعطوني البديل, أم تحسنون الكلام فقط؟ هل تنوين حل مشاكل الناس الذين يأتون جمعية المستقبل بالكلام؟ الهضرة ما تعمر خضرة.-أقصد…أسكتتني باشارة من يدها و قالت:-خذي دعاء لتنام بجانبك هذه الليلة. لا أستطيع ضمها الي. جسمي متألم و اطفئي الضوء.أطفأت الضوء . ضممت دعاء , قلت لالهام:-سأكتب لك كثيرا و من يدري؟ قد أجد حلا و أرسل اليك لكي تلحقي بي.صمت ثقيل يلف المكان و بعدها قالت :-ستكتبين مرة و اثنتين و بعدها ستأخذك الحياة. ستنسين الهام و دعاء و و كل الأيام الجميلة.-سترين أنني لن أنساك..لن أنسى دعاء.. لو كانت ابنتي…دفنت رأسي تحت الوسادة وبكيت.صباحا حملت حقيبتي , عانقتها , ضممت دعاء الي, أعطيتها بعض النقود كانت تفيض عن حاجتي. نجحت في حبس دموعي و انصرفت.في المطار , جلست أنتظر الطائة. كنت أشعر بشعور غريب : الخوف من المستقبل , المجهول ربما. احساس بالمرارة في حلقي . أنظر في كل الوجوه عساني أرى وجه أبي. لو يأتي ؟ لو يرضى عني ؟ دخلت المرحاض, غسلت وجهي من آثار الدموع ..خرجت و….رأيته, انه هو أبي.! عانقته . لأول مرة أحس بدفء ذراعيه. احساس رائع ..رائع. انتبهت لنفسي كنت أبكي بصوت مسموع. لم أكن وحدي , حتى أبكي كان يبكي. يا الهي! هل هو يبكي مثلنا؟ عانقته ثانية لأشبع من حضنه. لم يعانقني أبدا قبل الآن. قال لي بعد أن مسح دموعه:-سافري يا ابنتي و قلبي راض عنك.-كيف اقتنعت بفكرة سفري؟-أنا لم أقتنع بشيء. أخاف عليك أولاد الحرام. الدنيا خايبة آبنتي. كنت أريدك أن تتزوجي و تنجبي و تتركي الدراسة ووجع الدماغ. المرأة مكانها في البيت و الأولاد….لكن رأسك صلبة. افعلي ما بدا لك ..سافري .عانقته بقوة , بقوة. كم أنت رائع يا أبي! لو أشعرتني بالحب قبل الآن كانت تغيرت أشياء كثيرة في حياتي.نظر الي ثانية وقال:-سأطلق سراح زوجتي. قررت هذا منذ مدة لكن بالأمس عندما غادرت البيت تكلمنا كثيرا, و اتفقنا على كل شيء. سأطلقها و أعطيها مبغا من المال و تعود الى قريتها.-ربما هذا أفضل لك و لها.-سترسلين لي رسائل كثيرة؟-أجل و سأحكي لك أشياء كثيرة.أدخل يده في جيب سرواله و أخرج سلسلة ذهبية:-هذه آية الكرسي, ضعيها حول عنقك حتى تحفظك.قبلت يده و جبهته. ضمني اليه ثانية و ذهب
***************************************************
حق الصورة محفوظ للكناوي
أخذتها حين زيارتي لقبري المرحومتين زوجة أخي ومليكة مستظرف بمقبرة الرحمة بالبيضاء

جراح الروح والجسد ٦


يكفي تمثيلا.لما هذه الدهشة المرتسمة على وجهيكما؟ كأنكما لا تعرفان شيئا. ألم تكونا تعلمان أن لكما أخت قحبة؟صرخت حديجة من خلال دموعها:-أجل قحبة.كنت أريد المال الكثير , الكثير جدا. كنت أريد أن البس كالناس, آكل كالناس. كنت أريد هذه الدنيا بطولها وعرضها. ووالدك كان شحيحا. لو الأمر يعود اليه للبسنا جميعا ثيابا مرقعة.-وزوجك كذلك شحيح. بل أكثر شحا من أبي فكيف تتصرفين؟ هل ما زلت تذهبين لتلك الشقق؟-سأقول لك كل شيء لكي ترتاحي. لم أعد أذهب لتلك الشقق لأن الزبائن أصبحوا يأتون الي في شقتي وزوجي يعلم, انه واجة فقط.أنا أصرف على البيت وأنا من اشترى له محلا تجاريا.شعرت بالدوار. ماذا أسمع؟ هل يعقل هذا؟ نظرت الى كوثر و أمينة أحاول أن أقرأ أثر المفاجأة على وجهيهما. لا أثر. كأن المسألة عادية جدا. أو كأن خديجة ألقت عليهما تحية الصباح.سألتهما:-هل سمعتما؟ هل..قاطعتني خديجة بعد أن مسحت دموعها:-انهما تعرفان كل شيء.و أساعدهما على تحمل أعباء الحياة. كل واحدة تأخذ راتبا شهريا.عرق بارد يلف جسمي.دوار عنيف. جريت الى الحمام.تقيأت كل شيء. يا الهي ! اذا كانت الحياة بهذه القسوة فكيف يكون الجحيم؟ مصيبة لو كان كل شيء يتم بعلم أبي.استجمعت قوايا و قلت:-سيكون شيئا رائعا لو كنت تفعلين ما تفعلين بعلم ابي.-لا تكوني غبية أبي لا يعلم شيئا.-ولماذا لا يعلم؟ يأتيك هو الآخر بزبائنه وتنضم اليك كوثر و أمينة و زوجته و عوض أن أسافر الى فرنسا نفتح شركة لبيع اللحم الرخيص. فنحن قوم لوط.-قولي ما يحلو لك , سأذهب.-قبل أن تذهبي اريد أن أسألك :هل والدتي رحمها الله كانت تعلم بالأمر؟-رحمها الله لم تكن تعلم شيئا, كانت تصدق كل أكاذيبي.تنهدت بارتياح.جلست على كرسي و قلت لهن جميعا:-الآن ازداد اقتناعي بضرورة السفر, لو أستطيع تغيير جلدي و عظامي و حتى هذا الدم الذي يجري في عروقي لما ترددت لحظة واحدة.سأسافر لكنني سأعود لأجل دعاء ابنة الهام,لأجل هذا الطفل الذي سيولد لكي لا ترتكبي جريمة في حقه هو الآخر. قبل أن أنسى من يكون والده؟لم تجبني, خرجت و صفقت الباب وراءها.لم يبق الكثير على سفري. كان لا بد من اواجهه بنفسي .لست في حاجة لوساطة أحد. لم أعد أحتمل الحياة في هذا الوسط الموبوء.جاء أبي نظر الي ثم قال:-ماذا بك؟ كنت تبكين؟-نعم-لماذا؟ ماذا حدث؟ خصومة مع زوجتي؟-لا.-ماذا اذن؟ تكلمي.-أبي ..لا أعرف بماذا أبدأ حديثي.-تكلمي ماذا حدث؟-لقد قررت السفر.-ألم تنسي حكاية الرباط و الصحافة بعد؟-هذه حكاية قديمة , الجديد هو أنني سأسافر الى فرنسا.-يبدو أنك لست في وعيك.-بل لم أكن ف وعيي مثل الآن. كل شيء جاهز: تذكرة السفر, التأشيرة و حتى حقيبتي, لم يتبق سوى موافقتك.-جهزت الجواز و التذكرة و التأشيرة وحتى الحقيبة و أنا هنا في دار غفلون.-كنت أعرف أنك سترفض ففعلت ذلك خلسة.-و تريدين وضعي أمام الأمر الواقع.فيلم هندي هذا أم مصري؟-فيلم مغربي.أرجوك أبي أن توافق لا أريد أن أسافر وأنت غاضب مني.-أتريدين أن تتحديني؟ أن تخرجي عن طوعي؟ افعلي ما بدا لك. لكن لن أدفع لك فرنكا واحدا.-لا أريد نقودا..أريد موافقتك.-و أنا لست وافقا.غدا على الساعة العاشرة صباحا سأسافر.-اذن احملي حقيبتك واخرجي الآن في هذا الليل.-أبي ارجوك لماذا تعقد الأمور؟-أنت من يعقد الأمور. اذا كنت تريدين السفر لأجل الدراسة فالبلد مملوءة جامعات. الا اذا كنت تنوين السفر لأجل شيء لآخر.-شيء آخر مثل ماذا؟-كل الفتيات اللواتي يسافرن للخارج زنديقات.يا الاهي لا يستطيع التفكير أبعد من مؤخرته.-أبي أكررها للمرة الألف: اذا كنت أريد العيش على سجيتي فلست في حاجة للسفر .سأفعل كل ما أريد و أنا هنا بقربك و أنت في دار غفلون.صمت . كان يدرع الغرفة جيئة و وذهابا ثم قال:-كل أخواتك مهديات مرضيا الا أنت.استفزني:أبي لا تكرر على سمعي هذه الجملة ثانية أكرهها.-رائع انك تصرخين في وجهي. طبعا (حطيت عصاتي أصبحت نتضرب بيها). اسمعي احملي حقيبتك و اخرجي الآن لا تنتظري حتى الغد.-لست جادا أبي.-لم أكن جادا كاليوم أبدا. واعتبري أنه لا أب لك.-لماذا كل هذا؟ أليس من حقي السفر؟-هل هذا ما علموكم في المدارس؟ تحدي اهاليكم؟ تحدي أهاليكم؟ تريدين لوي دراعي؟ من السهل علي جدا تمزيق جواز سفرك و كل الأوراق و أقفل عليك البيت لا دراسة ولا هم يحزنون. وأزوجك لأول كلب يطرق الباب. لكنني لن أفعل لأني مللت رؤية وجهك العكر. و الآن أخرجي اذهبي عند أولئك الذين ملأوا رأسك بالكلام الفارغ لبست ملابسي , حملت حقيبتي وصورة أمي لا يمكنني أن أتركها خلفي وحيدة. أخذت سيارة طاكسي و ذهبت الى بيت الهام. فتحت الباب , توقعت أن أجدها كالمعتاد نائمة على سريرها . لم تكن متواجدة. البيت في منتهىالفوضة : علب جعة فارغة , أواني متسخة. رتبت السرير , غسلت الأواني و ناديت دعاء من عند الجارة. أعطيتها قليلا من الحليب والبسكوت. جاءت الجارة و هي تطرقع العلك , سألتها:-ألم تأت الهام؟-لم تأت. لابد أنها نايمة في العسل عند أحدهم. ياريت واحد من أصحاب الدشداشة.أتعرفين لو ذهبت مع واحد من أصحا ب الخليج فستكسب في الليلة ما تكسبه في البار ف ثلاثة أشهر, أيديهم سخية يبعثرون الأموال هنا وهناك. وأكل و شرب و هدايا. هل تعرفين كلثوم بنت حادة؟ لا أنت لا تعرفينها. الهام تعرفها كانت جميلة, ياه! طويلة وعريضة و شعرها أشقر و طويل يصل حتى ما تحت مؤخرتها كشعر الخيل , وبيضاء كالقشدة و لها عينان سبحان من سواها وخلقها. قبل أن تصل سن الرشد والخطاب يقفون على باب بيتهاطوابير. هي لا تشبه أمها ابدا أمها سمراء ممكن أنها تشبه والدها نعن لا نعرفه. ما علينا المهم ان أمها كانت ترفض كل المتقدمين لابنتها, الى أن أتتها خديجة العورة .الا تعرفينها؟ لقد غادرت الحي , هي قوادة. أتتها بواحد من الامارات, لديه سيارة سوداء طولها متران و لديه سائق . يقولون أنه أمير و الله أعلم. كان كبيرا في السن . حوالي الستين. الرجل لا يعيبه الا جيبه, و البنية كلثوم عمرها سبعة عشر سنة رآها الرجل وجنّ عليها. لاتصدقين اذا قلت لك أنه أعطاها في المهر فيلا لا يخرجك منها الا سكرات الموت.الفيلا أكبر من حينا هذا كله. يلزمك سيارة لتنقلك داخل الفيلا.عاشت معه سنتين في الجنة وأخذت معها أمها. و لما مات أخذ اخذ أولاده كل شيء حتى الفيلا التي تسكنها و الحلي التي تملكها باعتها لكي تعالج نفسها من مرض ما.جميعة تقول أنها مصابة بالزهري لكن لا.. لو كانت فعلا مصابة بالزهري لما احتاج الأمر أن تبيع كل هذه الحلي. المسألة أكبر يمكن مصابة بالسيدا. ياه تأخرت الهام كثيرا!(يا الهي متى تصمت هذه المرأة؟).كنت أنظر اليها و أتساءل ان كان هناك زر في مكان ما من جسم المرأة أضغط عليه فتصمت الى الأيد.-ها هي الهام .صرخت المرأة.نظرت جيدا, كانت هي..لكن ثيابها ممزقة, كدمات زرقاء على وجهها شعرها أشعث.أدخلتها الى البيت.ماذا حدث؟ تبعتنا المرأة و أقحمت نفسها و هي تضرب صدرها الممتلئ بيدها و تطرقع العلك. تبحث عن حكاية ترويها لأهل الحي. جلست الهام على حافة السرير و هي تبكي بهيستيريا و حرقة:-أولاد الكلب..يلعن ابوهم..الله ياخذ فيهم الحق.و تنخرط في نوبة بكاء عنيفة. لا أجرؤ على سؤالها.تتولى المرأة سؤالها:-ماذا حدث يا أختي؟تمسح الهام دموعها. أنتبه الى فمها جيدا..لا أثر لبعض الأسنان في فكها السفلي.علامة استفهام كبيرة مرتسمة في رأسي. أشحت بيدي على وجهي كأنني أطرد ذبابة سوداء كريهة. جلست الهام نزعت ملابسها و قالت:-أنظري ..أولاد الزانية ماذا مفعلوا بي؟ أنظري لظهري وفخذي..لا أستطيع الجلوس مؤخرتي تؤلمني.ندوب زرقاء و بنفسجية تملأ ظهرها و كامل جسمها .دماء متجمدة على بعض الجروح. لم أستطع النظر اليها طويلا , لم أستطع الكلام, احتبست الكلمات في حلقي كأنني ابتلعت لساني :-ماذا حدث؟ سألتها المرأة متلهفة لمعرفة كل الأخبار السيئة. ثم أردفت و عيناها تلمعان بلهفة :-هل أمسكوك في الكوميسارية؟ أخذوك للدار الحمراء؟ لا يضرب أحد مثل هذا الضرب الا هناك. لكن لماذا؟-عندما كنت أداوم في البار , انتبهت لشخص يجلس في أحد الأركان لا يرفع عينيه من علي. لم أره من قبل في البار, فنحن هناك نعرف بعضنا البعض .تنخرط في البكاء من جديد ثم تضيف :-ولد ز..الله يوريني فيه يوم , يا ربي أنا أمة تحت سماك أمنيتي أن أراه و الكلاب تمزق لحمه قطعا قطعا و يستغيث و لا من مغيث. لا..لا..أريد أن تسحقه شاحنة الزبال تمحقه أرضا فيختلط لحمه و عظامه مع الأزبال و يسيل دمه مع البالوعات..تنزع تلك المرأة السمينة غطاء رأسها :-الله ياخذ فيك الحق يا ولد الحرام..الله يجعلك مثل ثور الوحل ما ان ترفع قدما حتى تغرق الأخرى ..الله يعطيك..تلتفت الى الهام و تسأل:-ما اسمه حتى أدعي عليه؟-قال اسمه محمد. كان يرتدي بدلة وربطة عنق بالأسود و قميصا أبيض و حذاء أسود يلمع. يحمل مفاتيح كثيرة في يده و شعره ممشوط بعناية يلمع هو الآخر. عندما عرض علي الذهاب معه قلت : و لما لا؟ على القل واحد نظيف بدل هؤلاء الصعاليك الذين يملأون المكان. و ما سآخذه منه سأشتري به حذاء لدعاء و كيلو لحم. ذهبت معه في سيارته المرسيدس البيضاء. لم يكن يتكلم كثيرا, بل لم يكن يتكلم قط. أخذني الى خارج المدينة , لا أعرف أين بالضبط. عندما سألته لم يجبني. اشعل سيجارته و صمت. ساعتها شعرت بالخوف وتمنيت لو أعود. لكن الليل! خفت أن يتركني في الشارع.ليته تركني لكان أرحم. ربما الكلاب الضالة لم تكن لتفعل بي ما فعل بي ابن ال…ذهبنا الى فيلا في طور البناء, الطابق السفلي مكتمل لكن لم يصبغ بعد. أكياس الاسمنت مرمية هنا وهناك و الرمل و المسامير. رفضت ات أنزل جذبني من شعري بعنف و أدخلني الى الداخل , صرخت , قاومت لكن لا من مغيث.الأرض خلاء و الظلمة : تمد ايديك تقطع.أنا ر شمعتين و أمرني أن أنزع ملابسي و عندما رفضت مزقها فوق جسمي و ربطني الى أحد الأعمدة و شرع يمارس علي الجنس بطريقة غريبة. لم يكن وحده , فجأة خرجوا من الظلام كالعفاريت , كالجرذان. كانوا أربعة ربما أكثر, لم أتبين ملامحهم و لن أعرفهم حتى لو التقيتهم ثانية. مارسوا علي كل أنواع التعذيب من اهانة و ضرب و أخذوا نقودي. تصوري ! أتيت من هناك سيدي رحال أظن لست متأكدة.. تصوري من سيدي رحال الى المدينة القديمة.. أحس أنني قطعت نصف الكرة الأرضية على قدمي. أحس أ ن الله يصر اصرارا عجيبا على تعذيبي. و لدت و لا أعرف لي أبا قط, اسم بنت الحرام يلتصق بي كالوشم. خالي و أخي اغتصباني منذ المهد, أمي الوحيدة التي كانت سندي في هذه الديا تموت وتتركني أنا و طفلتي في عالم كله ذئاب و حيوانات و ماذا بعد؟تسكتها المرأة:-استغفري الله المؤمن مصاب.تصرخ الهام في وجهها:-من يدلك على ايماني؟ من قال لك أنني مؤمنة ؟ جبهتي لا تلامس الأرض الا اذا انكفأت على وجهي من شدة السكر. الصوم أجوع فقط كالآخري. تركت لكم الايمان و كل شيء فقط أريد أن أرتاح. أن أضع رأسي على الوسادة و أنام. لقد حملت الهم مبركرا.تقف المرأة و تستأذن لكي تنصرف:-سأذهب الله معك.

جراح الروح والجسد ٥



كان لا بد أن اعرف لماذا انتحر “قدور” ؟ ما هو السبب الخطير الذي جعله ينتحر؟ انه جبان نتن. لانتحر الا الجبناء. علمت بعد ذلك بخبر قدور زوجته “النصرانية” كان اسمها جوزيان , أتت للمغرب لتصفية كل الأمور المادية في المغرب و العودة الى فرنسا. لم أكن أملك رقم هاتفها لذلك ذهبت اليها مباشرة. قرعت الجرس فتحت لي الباب. تغيرت كثيرا, سبق لي أن رأيتها مرتين. كانت أردافها ممتلئة. أما التي أرى أمامي فهي هيكل عظمي متحرك.يبدو أنها لم تتعرف علي قلت لها:-أنا قريبة “قدور”.تغيرت ملامحها , بدت ممتعضة:-ماذا تريدين؟أحسست بالحرج . ماذا أقول لها؟-علمت أنك هنا و أردت فقط أن ..صمتت قليلا, لم أعرف ماذا أقول في الحقيقة. بدت متضايقة ثم قالت:-تفضلي بالدخول.دخلت. البيت أنيق جدا , مؤثت على الطريقة المغربية. كيف أبدأ حديثي معها؟ علي اللعنة لماذا اتيت؟ فلينتحر أو فليذهب الى الجحيم ما شأني به؟قطعت الصمت بجملتها؟-تودين معرفة لماذا انتحر “قدور” أليس كذلك؟-نعم اذا كان ذلك ممكنا.-في نظرك لماذا انتحر؟شعرت بالحرج:-لا أدري. لو كانت لدي أدنى فكرة لما أتيت لأسألك.أشعلت سيجارتها , تنهدت ثم نادت بأعلى صوتها:-زهرة , تعالي حبيبتي.و أتت زهرة طفلة شقراء في حوالي الخامسة من عمرها . ربما اكبر قليلا, جميلة جدا لا يملك المرء الا أن يحبها. أجلستها والدتها على ركبتيها و قالت لها:-احك للآنسة ماذا كان يفعل معك بابا؟بكل عفوية وبراءة اخذت تحكي:-عندما كانت تذهب ماما للعمل يأخذني بابا , ينزع ملابسي كلها ويقبل جسمي وبعدها ينزع بنطلونه ويخرج شيئه ويضعه في مؤخرتي. كنت احس بالألم لكنه كان يقول لي لو اخبرت أي أحد سألاميك في الغابة و تأكل الذئاب جسمك.شعرت بالأرض تميد بي, عرق بارد يلف جسمي.-اذهبي الان يا زهرة .سأكمل لك الحكاية:في يوما ما وجدت حرارتها مرتفعة اخذتها الى الطبيب, عندما فحصها وجد تعفنا في جهازها التناسلي وبكارتها مفتضة, شككت في كل الناس, في مدرسها في حارس الفيلا في الجيران الا في قدورقرر الطبيب ابلاغ الشرطة استمهلته حتى أعرف منها بنفسي وكانت الصاعقة قالت: أبيهل يعقل هذا؟ لا أستطيع أن اعبر بالكلمات, جربت كالمجنونة الى البي لأكتشف أن زهرة لم تكن وحدها الضحية : فاطمة ويوسف أولادي الآخرين.هل تصدقين هذا؟ هل هناك من يفعل بأولاده هذا؟ هذه الأشياء كنت أقول أنها تحدث للاخرين فقط.نسمع عنها في الأخبار و الجرائد , لكن أنتقع عندنا؟ لا . عندما علم أن خبر جريمته انكشف انتحر. كنت أود لو أقتله بيدي, لديه أموال كثيرة كان من الممكن أن يذهب الى أية ساقطة ويفرغ مكبوتاته الحيوانية, لكن أن يفعل هذا بأولاده أية وحشية هذه؟صمتت قليلا لتلتقط أنفاسها و أشعلت سيجارة أخرى و قالت:- أولادي الآن يعالجون في مصحة نفسية, سأكون جمعية تعنى بضحايا الاعتداء الجنسي ,يجب ان نحمي أطفالنا من أمثال هؤلاء.لم أعرف ماذا أقول لها؟ أحسست برغبة عنيفة في البكاء عّل دموعي تخفف عني. وددت لو أصرخ بأعلي صوتي فارتدت الصرهة في جوفي.ماتت الصرخة قبل أن تولد.أجهشت بالبكاء , نظرت الي جوزيان نظرات غريبة قلت لها:-أجل أنا كذلك عانيت مثل زهرة وفاطمة ويوسف.قدور حطمني أفسد حياتي.لم يكن وحده البقال و الرجل الأسود.-ابك ,هذا جيد لا تتركي هذه الأشياء تعكر عليك حياتك.عندما نبكي و نتكلم نرتاح.لكن لماذا لم تخبري أهلك والشرطة؟-لأننا نخاف الفضيحة.الناس لن ترحمني ستصبح سيرتي علكة تلوكها الأفواه الكريهة.ضربوني وقالوا: أصمتي.فصمتت.أنتم هناك لا تخافون شيئا.هنا نرضع الخوف و القمع من ثدي أمهاتنا.-فهمت.لكن ما رأيك أن تتغلبي على خوفك و تأتي معي الى فرنسا؟-ماذا أفعل هناك؟-ساعديني على انشاء الجمعية.اجعلي من تجربتك درسا للآخرين, ساعديهم على تجاوز أزماتهم و عندما تنجح التجربة هناك هنا,تكونين المسؤولة عنه.-ستنجحين هناك في بلدك, لكن هنا أشك.أؤكد لك ستجدين هنا في أغلب البيوت حكاية مثل هذه و أفظع.أشياء لا تتصورها العقول ,لكن لا أحد يتكلم .هذه مواضيع مسكوت عنها.-الى متى ستظل أمور كهذه تحت الغطاء؟-لأننا اذا عريناها ستطفو روائح كريهة على السطح.روائح فضائح تزكم الأنوف. حكايات اعتداءات داخل الادارات , في المستشفيات, في البيوت, في الشارع, حتى في الحافلات. يقول المثل المغربي : نبش تجبد حنش. والحنش أفعى كلما قطعت رأسها نبت لها ألف رأس و رأس.عو دي الى بلدك و افعلي ما بدا لك,لكن اتركينا هنا نأكل و نتغوط وننام كالدواب و نغرس رؤوسنا في الرمل كالنعام.-أنتم جبناء . قالتها بعصبية.-قولي ما بدا لك , أجل نحن جبناء.-سأكرر ثانية : تعالي معي الى فرنسا.-أنا لم أستطع السفر الى الرباط لدراسة الصحافة فكيف سيتركوني أسافر الى آخر الدنيا؟-فرنسا ليست آخر الدنيا.-كل مكان خارج البيضاء بالنسبة لهم آخر الدنيا.قطبت ما بين حاجبيها ثم قالت :-هم؟ من؟-هم؟ أهلي ..أبي.-بنازير بوتو عندما كانت في مثل عمرك قلبت بلدا باكمله وأنت مازلت تقولين أبي.-بنازي بوتو لم يكن لها أب مثل أبي.-كل هذه الأعذار واهية. اذا كانت لديك ارادة قوية و عزيمة وكنت تؤمنين بقضيتك , ستقفين في وجه الشيطان.-في وجه الشيطان نعم, لكن في وجه أبي لا.-هل والدك غول خرافي؟ هذا الخوف بداخلكانت فقط, جربي أن تتحديه , أن تقفي في وجهه و تثوري.ماذا سيحدث في أسوأ الأحوال؟ سيطردك؟ فليفعل بيتي مفتوح لك. و يوما سيفتخر بك. الفرصة تطرق بابنا مرة واحدة و أنا أمنحك اياها.تعالي معي, ساعديني على تأسيس الجمعية , حققي حلمك بأن تصبحي صحفية , تحرري من هذه الأغلال و الأصفاد التي تكبلك .ستجدينني دائما رهن اشارتك .حانت مني التفاتة, رأيت زهرة منزوية في ركن الغرفة تلعب بدميتها, تذكرت طفولتي : الرجل الأسود, بقال الحي, قدور القدر, الحرق في فخدي ,المرحاض المظلم, دعاء ابنة الهام, لو أستطيع أن آخذها بعيدا و تكون ابنتي ! نظرت ثانية لزهرة, آه ! كيف لك أن تنسي أيتها الطفلة؟ أستطيع أن أحس بكل ما تعانين.تذكرت جملة أبي: يريد أن يأتي بأبنائه الى المغرب لكي يربيهم على مبادئ الاسلام. كان يريد أن يهرب بجريمته الى هنا. كان يعلم أن أمره سينكشف يوما ما . أي مبررات سيقدمها علماء النفس لشخص مثل هذا؟نظرت لجوزيان وقلت لها:-لست جبانة سأصرخ و سأكسر هذا الصمت و سأتقيأ كل ما ظل مختزنا في جوفي طوالا هذه السنين , سترين و ستسمعين , أعدك.ذهبت الى البيت, لم أخبر احدا بشيء , اتصلت بي الهام كانت فرحة قالت لي:-ذهبت الى الجامعة لأرى نتيجة امتحانك, لقد نجحت مبروك .لم أكن فرحة و لم أكن حزينة:-أشكرك قلتها بكل اقتضاب-ماذا بك؟-لاشيء متعبة.-لقد اتصل بي نجيب يريد أن يراك غدا على الساعة الثالثة بعد الزوال.-حسنا انها فرصة لكي أقطع علاقتي به.-هل أنت جادة؟ لا تفعلي أرجوك-بل سأفعل .سأختلق أي عذر لأنهي علاقتي به.وضعت سماعة الهاتف, و أخذت أفكر في كلام جوزيان.صمت ثقيل يلف المكان, كان ينقر المائدة بأصابع يده نقرات رتيبة تزيد من احساسي بالملل. كنت أرتشف قهوتي رشفات سريعة أريد أن أنهيها بنفس السرعة التي أود أن أنهي بها حكايتي مع نجيب.سألني بصوته الأجش:-ما هو هذا الشيء المهم الذي تفكرين به و يجعلك منشغلة عني؟-علاقتنا اليست شيئا مهما يستوجب النقاش و التفكير؟-ما الذي جد في علاقتنا يستوجب النقاشابتسمت في مرارة:-المشكلة أنه لم يجد أي شيء منذ التقينا. لا تقاطعني أرجوك.أتمنى لمرة واحدة أن أتكلم و أقول ما عندي. عندما عرفتك تمنيت لو أعيش معك ما لم أعشه من قبل: نخرج, نضحك, نمرحو نذهب سويا الى البحر, الى اماكن لم أذهب اليها من قبل.أن أحدثك كأنني أتكلم مع نفسي بصوت مرتفع ,أن لا تكون حواجز بيننا.كنت أتمنى عندما نلتقي نرمي هموم البيت و الدراسة والعمل وراء ظهورنا و لو لنصف ساعة, نضحك من قلبينا.لكن كنت أهرب من المشاكل لأجدك تحدثني عنها…عمل , عمل نفس الكلام لا يتعير أبدا.هربت من الملل فجعلت حياتي أكثر مللا وضجرا. كنت اتمنى عندما أذهب للقياك أذهب بفرح نقي تسبقني أحلامي الوردية و يدق قلبي شوقا لكن كنت أذهب اليك و كأنه واجب اداري ثقيل على نفسي.جذب نفسا عميقا من سيجارته ثم قال بثباته المعهود:-و ماذا أيضا؟صرخت فيه:-أتعرف ؟ في البداية كنت معجبة بثباتك ووقارك.الآن بتّ أكره هذه الرزانة. لايمكنني أن أعيش رزينة أربعا وعشرين ساعة في اليوم سبعة أيام في الأسبوع.أريدك أن تخلع ربطة عنقك هذه و تلبس لباسا رياضيا, نتمشى على البحر , ناكل جلاص , لم تمتدح مرة واحدة تسريحة شعري, لم تبد أبدا اعجابك بفستاني أ و عطري. قد تكون هذه الأشياء تافهة بالنسبة لك لكنها مهمة بالنسبة لي.أطفأ سيجارته بعصبية :-هل أترك عملي و مشاكلي لأجري وراءك على شاطئ البحر؟كنت على وشك الانفجار:-عمل ..عمل ..عمل فليذهب عملك الى الجحيم.أشعل سيجارة أخرى و عاد يقول بنفس العصبية:-فليذهب عملي الى الجحيم, طبعا لأنك لن تخسري شيئا , لم تتعبي كما تعبت لم تذوقي المر كما ذقته. ما وصلت اليه الآن بنيته بتعب السنين و لست على استعداد أن أضيعه من أجل امرأة …-تافهة؟ أليس كذلك؟-اسمعي لماذا لا تذهبين معي الى البيت؟ لن تندمي أبدا.-لدي حل أفضل.لماذا لا نفترق؟-ماذا تقصدين؟ اسمعي لا تفسدي كل شيء . انك تعجبينني و أنا لا أحسن فن الغزل و كل هذا الكلام الجميل و المنمق.اصبري قليلا معي من يدري ؟ قد نتزوج.ضحكت باستهزاء:-هل تظنني مراهقة غريرة؟ ما ان تعدني بالزواج أرتمي في أحضانك؟أقول لك شيئا؟ أحلامي أبدا لا يدخل في ضمنها الزواج.أريد أن تكون لي طفلة نعم لكن لا أريد زوجا,تبدو الفكرة غريبة وغير مقبولة لكن هذ ا كان دائما حلمي.بدا ساهما ثم قال:-لم أسمع عن امرأة ترفض الزواج.-و ها أنت قد سمعت عنها.-هذا ضد الكبيعة الا اذا كنت…سكت ثم ابتسم في خبث. قلت ببرود و أنا أنقر المائدة:-الا اذا كنت ماذا؟ سحاقية مثلا؟ لو كنت كذلك لما همني الأمر و لقلتها على الملأ و لتذهب أنت و الجميع الى جهنم. كل ما في الأمر أن لدي أسبابي الخاصة تجعلني أكره الرجال. سمني معقدة ان شئت.-اذا لماذا دخلت في علاقة معي؟-لا أدري تجربة كباقي التجارب.-تقصدين تسلية كباقي التسليات. كنت تتسلين بي؟بدا منفعلا ثم أكمل:-أنت فعلا معقدة و أقترح عليك زيارة طبيب نفساني.-أشكرك على النصيحة. ما رأيك لو تعطيني عنوان الطبيب النفساني الذي يعالجك؟-لو لم نكن في الشارع لقتلتك.-أنت لن تستطيع قتلي.يمكنك أن تقتل الأطفال أو العجائز هناك في احدى القرى النائية في بلدك الجزائر .لكن هنا لا.جرب و اقسم لك سترى بعد ذلك أياما أسود من شعر رأسك.ابتلع غضبه,أصلح ربطة عنقه ثم وقف .ناديته:-نجيب, لماذا لا نفترق بطريقة حضارية؟ أنا لا أريدك ليس لأنك شخص سيء. بالعكس أنت طيب جدا.لكن هناك أشياء تمنعني من اقامة علاقة جنسية بالتحديد مع أي رجل.لا تسألني عن هذه الأسبا ب أرجوك. لماذا لا تمد يدلك لمصافحتي؟-أنت فعلا غريبة.صافحني تعمد أن تظل يدي في يده .سحبتها في رفق وودعته.جهزت جواز سفري خلسة.لم يعلم أحد بالأمر حتى الهام لم أقل لها شيئا.ضممت الجواز لصدري.بعدها أرسلت لي جوزيان كل الأوراق اللآومة للحاق بها. بعت سلسلتين ذهبيتين و حجزت تذكرة سفر الى فرنسا.حتى حقيبتي جهزتها .لكن كيف سأقنع أبي بالسفر؟ فكرت بالاتصال بشقيقاتي لكي يقنعن أبي بالفكرة.دخلت خديجة بطنها ممتدة أمامها كقنبلة موقوتة ستنفجر في أية لحظة. تبعتها كوثر ثم أمينة.جاءت زوجة أبي, نظرت اليها نظرة ذات مغزى فصعدت الىالطابق الثاني و تركتنا وحدنا. لم نجتمع من زمن طويل على صينية شاي. و نحكي همومنا و أحلامنا. كنت أحس بالغربة معهن .آلاف من المسافات الضوئية تفصل بيننا. في بعض الاحيان لا يكون المرء في حاجة للسفر بعيدا لكي يحس بالغربة , يمكننا أن نحس بها و نحن بين أهلنا و في بلدنا. كيف أبدأ حديثي معهن؟-سأدخل في الموضوع مباشرة دون مقدمات لأو مؤخرات.قالت خديجة :-أعرف لماذا جمعتنا اليوم. الحكاية فيها عريس اليس كذلك؟شعرت بالغيظ. دائما تحاول الظهور بمظهر العالمة العارفة بكل شيء.-الحكاية أبعد ما تكون عن الزواج.-اذن ما هو هذا الأمر المهم الذي استدعيتنا لأجله؟-لو تصمتين فقط و تسمعين؟وضعت يدها على فمها بتأفف.-هكذا أفضل.صمتّ لحظة استجمعت قوايا وقلت:-سأسافر الى فرنسا.وقفت أمينة :-وهل وافق أبي؟-لهذا جمعتكن, لكي تقنعنه بضرورة سفري.نهضت خديجة بعصبية وقالت:-أنا لست موافقة على سفرك.-لماذا؟-لست موافقة و كفى.-أنت ترفضين لمجرد الرفض ليس الا. ثم أنا لا أستشيرك فقرار سفري اتخذته منذ زمن و سأسافر أنا أقول هذا من باب العلم بالشيء فقط.بهدوء سألت كوثر:-لماذا قررت السفر؟ ألن تكملي دراسة الحقوق؟نظرت خديجة بغباء و سألتني:-هل تدرسين الحقوق؟ضحكت بمرارة:-رائع! حتى أنك لا تعرفين ماذا أدرس.أضافت أمينة:-احصلي على الاجازة وبعدها لها رب مدبر حكيم.قلت باصرا:-بل سأسافر و الآن.-اذن سافري .ما شأننا بالأمر؟ قالت خديجة بلا مبالاة.-شأنك أنك أختي و أنا أتحدث معك لكي تساعديني على اقناع أبي.-الا أبي- أنت تعرفين لسان أبي و عصبيته و أنا حامل و لن أتحمل كلامه.-و أنتما؟طأطأتا رأسيهما علامة علىالتملص و الرفض.أحسست بعصة في حلقي. فتحت باب الغرفة و قلت:-يمكنكن الانصراف.وقفت خديجة اضعة يدها على بطنها:-هل تطرديننا؟ انه بيت أبي , ندخله و نخرج منه متى أردنا.-هل من الضروري أن يسمع العالم صراخنا و خصامنا كلما التقينا؟ ابقي أو انصرفي هذا أمر يخصك.-هذا البيت بنيته بعرقي و جهدي ب…استفزتني, نكأت جراحي:-بنيته بعرقك و جهدك؟ حسب علمي لم تكوني موظفة .بل لم تدرسي أبدا.فعن أي جهد و عرق تتكلمين بالضبط؟اصفر وجهها.صمتت و اخذت تبكي .شلالات من الدموع كعادتها:-نسيت؟ منذ ولدت و انا كنت لك أما . أشتري لك الملابس, الدوية , الطباء..كم أنفقت عليك أنت بالضبط.-لا لم أنس ابدا.كما لم أنس كم تركتني في الحديقة وحدي , و كم أخذتني الى تلك الشقة المتعفنة و شقق أخرى كثيرة.تقفلين علي الباب و تنصرفين لمجونك. و لم أنس كذلك ضربك لي و اهاناتك المتكررة و سجني داخل المرحاض المظلم المملوء صراصير فئران وعفاريت.كيف لي أن انسى كل هذا؟ أنت لم تكوني أما لي أبدا, كنت جلادي لسنوات وأشفق على هذا الطفل القادم لن تستطيعي أن تكوني أما له.أخذت أمينة تنظر لكوثر بذهول .صرخت فيهما